ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، أن حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن استمرار الضربات الإسرائيلية لإيران، دون وضع توقيت زمني محدد لوقفها، يشير إلى أن ما سيحدد مسارها هو تحقيق الأهداف العسكرية الإسرائيلية والرد الإيراني عليها.
وقال نتنياهو، الجمعة: “لا يمكنني الجزم بموعد انتهاء هجماتنا على إيران لكننا مستمرون حتى إزالة التهديد برمته”، في إشارة إلى تحقيق الهدف الذي تحدث عنه مرارا من قبل، وهو منع طهران من امتلاك السلاح النووي.
ومن ثم، فإن السؤال الأهم الآن “ما إذا كانت هذه الضربات سوف تسرع أو ستبطيء من سعي إيران للحصول على السلاح النووي”، وفق ما قاله جون ألترمان، الباحث بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، في مقابلة مع الصحيفة.
وأضاف ألترمان “تتذرع إسرائيل بأنها تستطيع الاستمرار في هذا النهج (توجيه الضربات) إذا أصرت إيران على برنامجها النووي. لكن إيران قد تُقرر أنها بحاجة إلى تطوير رادع نووي”، مشيرا إلى أن الإجابة عن هذا السؤال “لا تزال غير واضحة”.
من جانبها، ردت طهران على الهجوم الإسرائيلي بإطلاق أكثر من 100 طائرة مسيَّرة وصواريخ باليستية اتجاه إسرائيل اليوم الجمعة، وتوعد المرشد الأعلى علي خامنئي إسرائيل “بعقاب صارم”.
ما إمكانية تدمير مفاعلي نطنز وفوردو؟
وترتبط الإجابة عن السؤال السابق، بشأن المسار الذي سوف تتخذه طهران بعد الضربات الإسرائيلية، بمدى قدرة إسرائيل على تدمير المفاعلين النووين الإيرانيين في نطنز وفوردو.
وأوضحت الصحيفة أنه تم تحصين المنشأتين النوويتين بشكل جيد عند تأسيسهما تحسبا للضربات الإسرائيلية، إذ تقع منشأة فوردو لتخصيب الوقود تحت جبل، كما أنها -مثل منشأة نطنز- تتمع بحماية كبيرة بعشرات الأمتار من الخرسانة المسلحة.
وإضافة إلى التحصينات في المنشأتين، توفر طهران الحماية لهما بأفضل ما لديها من صواريخ دفاع جوي حصلت عليها من روسيا والصين.
الحاجة إلى قنابل خارقة للتحصينات
وأكدت الصحيفة أن تدمير المنشأتين “يتطلب ضربات متتالية بقنابل خارقة للتحصينات”، مشيرة إلى أنه في حين تمتلك الولايات المتحدة قاذفات شبح من طراز بي-2 مزودة بقنابل خارقة للدروع تزن 30 ألف رطل، فإن “خيارات إسرائيل محدودة إذا كانت تعمل بمفردها”، وفق الصحيفة.
وتستطيع طائرات إف-15 الإسرائيلية حمل قنابل خارقة للتحصينات، تزن من 4 إلى 5 آلاف رطل، وكل منها قادرة على اختراق من 5 إلى 6 أمتار من الخرسانة.
وكان الجنرال المتقاعد في سلاح الجو الأمريكي تشارلز والد، الذي يعمل حاليا في المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي، قد قال للصحيفة في إبريل/نيسان الماضي إن “إسرائيل ليس لديها ما يكفي من المقاتلات للقيام بمهمة تدمير المنشأتين النوويتين في نطنز وفوردو”.
وأضاف والد أن إسرائيل تمتلك عددا كبيرا من القنابل الخارقة للدروع، التي تزن ألفي رطل، ويمكن حملها على طائرات إف-35، واستخدمت هذه القنابل في أكتوبر/تشرين الأول 2024 لاغتيال زعيم حزب الله، حسن نصر الله، في مخبأ تحت الأرض في بيروت.
لكن عملية تدمير المنشآت النووية الإيرانية المحصنة تحت جبال وأمتار من الخرسانة المسلحة “تتطلب إمكانات أكبر بكثير”، وفق الجنرال الأمريكي المتقاعد.
هل تُحدث إسرائيل ضررا بالبرنامج النووي الإيراني؟
وأوضح ماثاو سافيل، رئيس قسم العلوم العسكرية بالمعهد الملكي للخدمات في لندن، للصحيفة أنه “يمكن لإسرائيل أن تُلحق ضررا كبيرا بالبرنامج النووي الإيراني، لكن من المشكوك فيه قدرتها وحدها على تدميره بالكامل”، في إشارة إلى قيام إسرائيل بالضربات دون مشاركة أمريكية.
وأضافت الخبيرة بالأسلحة النووية داريا دولزيكوفا للصحيفة أنه سيكون “من الصعب على إسرائيل تدمير قدرات تخصيب اليورانيوم الإيرانية بالكامل”.
من جانب آخر، سوف تؤثر قدرة إيران على الرد على الضربات الإسرائيلية، بما لديها من صواريخ باليستية ومسيَّرات، في تطورات المواجهة العسكرية بين البلدين.
وأشارت الصحيفة إلى تقارير أفادت بأن إيران زادت في الأشهر الأخيرة إنتاجها من الصواريخ الباليستية إلى نحو 50 صاروخا شهريا، بهدف القدرة على إطلاق صواريخ أكثر مما تستطيع إسرائيل الدفاع عن نفسها ضده.
وذكرت أنه وفقا لتقديرات الاستخبارات الأمريكية، تمتلك إيران نحو ألفي صاروخ باليستي برؤوس حربية قادرة على حمل ألفي رطل أو أكثر من المتفجرات.